جمعية المركز الإسلامي
للتوجيه والتعليم العالي
التعليم: الذكاء الاصطناعي عدو أم حليف؟
حسناء بو حرفوش ــ لبنان الكبير ــ لم يعد الحديث عن الذكاء الاصطناعي مجرد ترف فكري أو موجة عابرة، بل تحوّل إلى حاجة ملحّة في القطاعات كافة، وعلى رأسها التعليم. وفي ظل التغيرات المتسارعة في العالم، بات إدخال تقنيات الذكاء الاصطناعي في المناهج والأدوات التربوية ضرورة وجودية تمكّن الطلاب من مواكبة عصر جديد يقوم على الإبداع والتحليل وإنتاج المعرفة، دون الاكتفاء بحفظها بشكل “ببغائي”. غير أنّ هذا الطموح يصطدم في لبنان بواقع مأزوم: الوضع الاقتصادي الذي يثقل كل القطاعات، والبنية التحتية المهترئة، والانقطاعات المتواصلة للكهرباء والإنترنت، وسواها من العوائق التي تحول دون أي محاولة للانتقال نحو تعليم رقمي حديث.
إرادة البقاء في التعليم أيضًا
وعلى الرغم من ذلك، تبرز مفارقة لافتة: الطلاب اللبنانيون، حتى في المناطق الأقل حظًا، يستخدمون الهواتف الذكية ويستطيعون الوصول إلى المعلومة بسرعة تفوق أحيانًا ما توفره المدارس والجامعات. هذه القدرة الكامنة تفتح نافذة أمل، لكنها في الوقت نفسه تكشف هشاشة الواقع التربوي الذي يُفترض أن يوجّه هذا الوصول العشوائي، ولو أن الجهود المبذولة تستحق التحية وتبرهن على إرادة الحياة في هذا السياق أيضًا.
وبالتالي، لا تكمن المشكلة في غياب الوسائل التكنولوجية، بل في غياب الضوابط: فمن الذي يحدد ما إذا كانت المعلومات التي يجمعها الطالب دقيقة؟ ومن الذي يضع القواعد الأخلاقية التي تمنع الاستنساخ الأعمى لمحتوى قد يكون خاطئًا أو مضللاً؟ ومن الذي يعين الأستاذ على كشف التلاعب؟ ومن الذي يمكّن هذا الأخير من استباق ما تنتجه الثورة التكنولوجية الجديدة قبل أن يتخلف عن الركب؟
العقلية النقدية مفتاح الحل
إن الاستثمار الحقيقي في الذكاء الاصطناعي لا يقتصر على إدخال تطبيقات جديدة أو بناء منصات تعليمية، بل يبدأ من تأسيس عقلية نقدية لدى الطالب، قادرة على التمييز بين المصدر الموثوق والإشاعة، وبين المعلومة المبنية على علم وبين الكلام العابر على مواقع التواصل. ومن دون هذه البوصلة الأخلاقية والمعرفية، سيصبح الذكاء الاصطناعي مجرد أداة تضيف ضجيجًا إلى ضجيج، بدلًا من أن يكون جسرًا نحو تعليم أكثر عمقًا وفاعلية.
أما إصلاح التعليم في لبنان فيتطلب رؤية مزدوجة: معالجة الانقطاع المزمن للكهرباء والإنترنت باعتبارهما شرطًا أساسيًا لأي تحول رقمي من جهة، وبناء إطار وطني يحدد قواعد توظيف الذكاء الاصطناعي في التعليم بما يحمي الطلاب من الانزلاق في فوضى المعلومات من جهة أخرى. ذلك أن التكنولوجيا وحدها لا تُصلح تعليمًا منهكًا، بل إن العقل المنهجي والقدرة على التفكير النقدي هما ما يضمنان أن تتحول الهواتف الذكية، التي يحملها الطلاب بأيديهم، إلى أدوات إنتاج معرفي، لا مجرد شاشات استهلاك عابر، وأدوات تروّض أجيال المستقبل وتحولهم إلى مجرد متلقّين سلبيين للمعلومة!
تأسّست خلال العام 1994، في الجمهوريّة اللبنانيّة،وهي جمعيّةٌ خيريّةٌ لا تتوخّى الربح ولا تتعاطى السياسة. يقع مركز الجمعيّة الرئيسي في بيروت، طريق المطار، سنتر أسكندراني، الطابق الخامس؛ وتخضع جميع أعمالها وأنشطتها للقوانين والأنظمة اللبنانيّة المرعيّة الإجراء وفقًا لأحكام الدستور. تمّ اختيار تسمية "جمعيّة المركز الإسلامي للتوجيه والتعليم العالي" بدقّة وعناية، ليعبّر عن روح الجمعيّة وجوهرها، وليتواءم مع دورها وأهدافها وأولويّاتها؛ التي تنطلق من التعاليم الإسلاميّة السمحاء وتستمدّ أصولها من أسس الإسلام المحمدّي الأصيل.